عادت تشكل الخطوط على الزّجاج و تراقب سيول المطر عليه ، نفخت أنفاسها باتجاهه و راقبت تجمّع البخار على المكان ، أعادت الكرة ثمّ نهضت و أخذت تدفع بالواقفين وهي تنفخ أنفاسها و تشكلها ، عموديا ثم أفقيا ، بعدها أصبحت حركتها أكثر و أقوى و أسرع حتّى صارت هستيرية و تقافز أمامها بعض الشباب ثمّ جاراها في فعلها و صاروا ينفخون أنفاسهم على الزجاج ثمّ في وجوه بعضهم البعض و يتضاحكون و يتراكضون هنا و هناك ، اندفع بين الجموع ، جذبها من يدها و جرى بها خارجا ، المطر
يرسم خيالاته في الضوء و قدماها ترسمان معالم ذهولها و هو يركض نحو أقرب مكان يختبئان فيه حتى يمرّ كلّ ذلك ، أفلتت يده و رقصت تحت الماء ، رافعة رأسها نحو السماء ، بشفتيها المنفرجتين كانت ترتشف حبات المطر ، دارت حول نفسها ، دارت و رجلاها تطرطشان الماء حولها و ترسمان جغرافية جسدها المنثور تحت المطر .
نقرع ضلعنا فيهطل المطر و تنطلق نواقيس المحبّة تجمّع همسنا لهاثا لهاثا و تنحني للرّوح ... كم مطرا يكفي سنيننا العجاف وكم جرارا سنعبّئ حتى نشعل خطونا و نطفئ توقها للانعتاق ، كم سنهذي تحت لفح الشهيلي و كم... هي الوجوه ترتق نقرنا لتقاسيم الحكاية و تختفي في الماء ، كم سيجمّع الماء من لغة للشفاه العاشقة و كم ضلعا سنقرعها كي تنبت الشفاه منها و لا تكذبنا الابتسامة فلا نحترق فيها و لا نتخذ شكل الدّخان ... كم حبّة ستنزلق على كذب الحكاية و كم ... هي الطريق ذاتها يا قلبي و هو القرع و هي المطر لا تنحن للريح و لا يخدعنّك بياض الماء و لا تستكن لوقع حبّات المطر : اركضي نحو النوء و اقطفي من خيوطها ما يكفي لرتق الروح فقط و سدّ الفراغ في ضلعك الخاوي يا طفلة الضوء
يا نويوة صبي صبي صبي صبي
صبّي و ما تكفيش أنا فريخة صغيرة و ما ربيت الريش
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق